بعد عام.. المغرب يزيد سيطرته على معبر “الكركرات” الحدودي مع موريتانيا

أحد, 14/11/2021 - 23:16

بعد مرور عام على تدخله العسكري، في المعبر الحدودي، الكركرات، الذي يربط الصحراء الغربية وموريتانيا، زاد المغرب سيطرته على تلك “المنطقة العازلة”، محاولًا ضمان تشغيل طريق البري التجاري الرابط مع إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

***

طريق استراتيجي

دخل الجيش المغربي، في الـ13 من تشرين الثاني/ نوفمبر 2020؛ -للمرة الثانية منذ وقف إطلاق النار مع جبهة البوليساريو عام 1991-؛ في الشريط منزوع السلاح البالغ طوله نحو 15 كيلومترًا والذي يمتد بين معبر موريتانيا الحدودي ومعبر الصحراء، والذي اعتبرته البوليساريو “غير شرعي”؛ فهي تقع في منطقة متنازع عليها ولكنها بحكم الأمر الواقع تحت سيطرة المغرب.

وتدخل الجيش المغربي؛ لطرد المتظاهرين الصحراويين الذين قطعوا طريقه لعدة أسابيع، وهو طريق استراتيجي في التجارة مع منطقة الساحل، بالنسبة للمغرب.

وتسبب تدخل القوات المغربية، الذي لم يسفر عن وقوع إصابات، في قيام البوليساريو بخرق وقف إطلاق النار، وكذلك بداية تصعيد التوتر مع الجزائر الذي وصل إلى مستويات لم تشهدها العلاقات منذ عقود.

المعبر الحدودي، الواقع على طول حدود الصحراء مع موريتانيا، والقريب من جدار شيده المغرب بالتوازي، يعتبره الصحراويون جزءًا من “أراضيهم المحررة”، بينما تسميه الأمم المتحدة “المنطقة العازلة”، فيما يعتبره المغرب جزءًا من “الأقاليم الجنوبية” للمملكة.

وفي الرباط، فسر تحرك الصحراويين لإغلاق المعبر؛ على أنه “مناورة من قبل الجزائر”، التي تؤوي البوليساريو في أراضيها المتاخمة للصحراء – حيث توجد مخيمات اللاجئين – وفقًا لمصادر دبلوماسية مغربية تحدثت لوكالة “إيفي” الإسبانية، طلبت عدم الكشف عن هويتها.

وتقول المصادر إن “عرقلة الحركة في الكركرات اعتبرت عملاً جزائريًا لمحاصرة المغرب، وتخريب سيطرته على المعبر”، مبرزةً أهمية هذا المعبر بين أوروبا وإفريقيا.

ويمر مائة سائق شاحنة يوميًا، عبر الكركرات؛ لنقل البضائع المغربية مثل الأسماك والمنتجات الزراعية ومواد البناء، متجهة إلى موريتانيا، مالي، بوركينا فاسو والنيجر، من بين بلدان أخرى.

وتشدد المصادر الديبلوماسية المغربية، على أن رد فعل المغرب هو جزء من الموقف “الجريء والحاسم” للبلد المغاربي في السياسة الخارجية، والذي تزايد في السنوات العشر الماضية.

ويحدث التحول في السياسة الخارجية المغربية، وفقًا للمصادر، في مواجهة الجزائر التي “تعاني من مشاكل اجتماعية واقتصادية وسياسية داخلية”، مضيفةً أن لديها “عددًا أقل من الحلفاء على المستوى القاري والدولي في تنافسيتها الإقليمية مع المغرب”.

وتشير المصادر المغربية، إلى أن البلاد حققت العديد من الإنجازات بفضل التدخل العسكري؛ مثل “عدم فقدان متر واحد” من المعبر الحدودي الاستراتيجي.

وقبل عملية الكركرات، عقدت جبهة البوليساريو فعاليات سياسية، مثل مؤتمرات واحتجاجات، في الأماكن الواقعة في تلك المنطقة، لا سيما في الشريط “العازل” بين الجزائر والصحراء الممتد من الشمال إلى الجنوب.

****

“منطقة حرب”

الآن، تعتبر البوليساريو، الكركرات، منطقة حرب، وهو ما تعكسه في “بلاغات عسكرية” يومية، والتي أشار واحد منها فقط؛ هذا العام إلى منطقة الكركرات.

ولم يعترف المغرب قط بهذا الهجوم ويصف ذلك بأنه “استفزازات صحراوية”، رافضًا أنها “عمليات عسكرية”.

وبعد يوم واحد من العملية المغربية، اعتبر الأمين العام للبوليساريو، إبراهيم غالي، أن وقف إطلاق النار الموقع مع المغرب عام 1991 قد “خُرق”، مما تسبب في اشتباكات بين القوات المسلحة للطرفين.

وبعد شهر تقريبًا، اعترف الرئيس الأمريكي آنذاك، دونالد ترامب، بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، والتي اعتُبرت في الرباط من أعظم الإنجازات التي حققتها البلاد في  “مغربية الصحراء”.

ومنذ ذلك الحين، عززت الدبلوماسية المغربية علاقاتها الدولية؛ ودخلت في أزمة مع ألمانيا وإسبانيا، وهي توترات كانت قضية الصحراء الغربية خلفية لها.

وفي ذات السياق، أوضح الملك المغربي، محمد السادس، في خطابه الأخير أن الأراضي المغربية “غير قابلة للتفاوض” وأعلن أنه لن يوقع أي اتفاقيات دولية التي لا تتضمن هذه المنطقة، في رسالة واضحة إلى الاتحاد الأوروبي، الذي ألغت محكمته اتفاقيات الصيد والتجارة مع المغرب التي تشمل الصحراء الغربية.

وقال الملك، “نتوقع مواقف أكثر جرأة وأوضح من شركائنا”، بعد إشادته بالعملية العسكرية في الكركرات، والتي بدأ التوتر بعدها مع الجار الغربي في تصاعد.

****

التوتر مع الجزائر

اندلع الصراع بين المغرب وجبهة البوليساريو، بعد دخول جنود مغاربة منطقة الكركرات العازلة على الحدود مع موريتانيا، قبل عام من الآن؛ في سياق تصاعد التوترات بين الرباط والجزائر وفي مواجهة خطر الحرب على على نطاق أوسع في المنطقة.

وتصاعد التوتر في الأشهر الأخيرة، ما يهدد بالتصعيد إلى صراع مفتوح بين المغرب والجزائر – التي تدعم جبهة البوليساريو – بعد انهيار العلاقات من قبل الجزائر في آب/ أغسطس.

وأغلقت الجزائر مجالها الجوي أمام المغرب منذ آب/ أغسطس الماضي، كما أوقفت في 31 تشرين الأول/ أكتوبر خط أنابيب الغاز الذي يربطها بإسبانيا عبر الأراضي المغربية.

وقبل أيام فقط، اعتبرت الجزائر تفجير شاحنتين جزائريتين، “إرهاب دولة”، متهمةً المغرب بالضلوع وراء الحادث الذي وقع في الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر على وجه التحديد في “المنطقة العازلة” بين موريتانيا والصحراء الغربية، وإن كانت بعيدة عن الكركرات، في أقصى الشمال الشرقي للحدود بين المنطقتين

 

الرباط- “رأي اليوم”: سعيد المرابط

جديد الأخبار